أكثر من عشر سنوات تمر على دخول سوريا في النفق المظلم، بسبب الثورة الفاشلة المدعومة من طرف الغرب والتي تدخل في إطار تنفيذ أجندة واشنطن وحلفائها الأوروبيين أو ما يسمى بـ “الربيع العربي” الذي استعمله الغرب للإطاحة برؤساء وزعماء عرب، لم يخضعوا لهم وتنصيب آخرين منبطحين لسياسة اللوبيين الغرب والصهاينة.
ولو عدنا بالتاريخ إلى الوراء، أو منذ تسع سنوات بالتحديد، لم يكن أشد المتشائمين يشك في أن مسألة سقوط النظام السوري قبل تاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2015 باتت أمرا حتميا أمام ضربات الغرب العسكرية وخسارته أكثر من ثلثي مساحة سوريا وتقهقر قواته للدفاع عن مراكز المدن الكبرى والعاصمة دمشق، قبل أن تهب روسيا للمساعدة و تقلب المعادلة رأسا على عقب وتجبر المعارضة المدعومة من الغرب وواشنطن على التراجع، بل ودمرت روسيا كل مخططات الميليشيات والارهابيين لتمزيق سوريا واهدائها للغرب.
روسيا لم تنقذ سوريا من مستنقع مظلم فقط، بل وتفادت سيناريو ليبيا 2011، عندما أطاح الغرب بالزعيم الليبي معمر القذافي وأصبحت ليبيا لعبة بين الغرب، يدمرونها تارة، ويتقادفونها بين بعضهم البعض تارة أخرى.
روسيا قدمت وتواصل تقديم الكثير لسوريا من الناحية العسكرية والسياسية في مجلس الأمن والمساعدات الانسانية، على غرار المساعدات لمستشفيات في حمص ودمشق وغيرها من المدن المتضررة من الارهاب والميليشيات.
روسيا كذلك تعتبر لاعبا فعالا في المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين، من خلال تقديم الدعم اللوجيستي والغذائي للمحتاجين، بعد ان فرض الغرب قيودا وعقوبات، منها قانون قيصر، على الشعب السوري وعزله اياه عن المجتمع الدولي، بعد أن كان يدعي ان عقوباته موجهة ضد النظام والرئيس الشرعي المنتخب بشار الأسد.
وتواصل القوات الروسية تطهير المدن السورية من الارهاب والميليشيات، على غرار العملية الكبيرة الناجحة نهاية العام المنصرم في إدلب، حيث تم تصفية اكثر من 34 مقاتلا ينتمون لجماعات مسلحة غير قانونية متورطة في قصف مواقع القوات السورية.
إن العلاقات السورية الروسية التي وصلت إلى مستوى استراتيجي، بقوتها واستقرارها تاريخيا، ليست وليدة اليوم او 2015، بل دعمت موسكو دمشق دائما في أصعب اللحظات، كما تشمل هذه العلاقات مختلف مجالات التعاون والتفاعل، لتظل الجمهورية العربية السورية شريكا تقليديا وحليفا لروسي في الشرق الأوسط، ولعل اخطر المفاصل الميدانية للدولة السورية عند مواجهتها التهديد الارهابي، كان الدعم الحاسم من روسيا، ما سمح للسوريين بإحداث تغيير جذري في الحرب ضد الارهاب الدولي.
ليس هذا فقط، فالشركات الروسية تنفذ مشاريع استثمارية كبيرة، كإعادة بناء الجزء المدني من ميناء طرطوس، وتحديث مصنع الأسمدة المعدنية في حمص، اصلاح عدد من حقول النفط والغاز وتحسين وتطوير مطار اللاذقية إلخ من المشاريع التي تهدف إلى تطوير اقتصاد سوريا واخراجه من النفق المظلم الذي فرضه الغرب وحلفاؤه على الشعب السوري.