التحقيقات مع منفذي العمل الإرهابي في كروكوس سيتي جارية على قدم وساق. ويوم عن يوم يتم الكشف عن ملابسات جديدة وجهات وأشخاص مرتبطين بهذا العمل وغيره.
مثلا، تبين أن أخ أحد منفذي العملية الإرهابية في “كروكوس سيتي” قضى 4 سنوات في سوريا يقاتل مع الإرهابيين. حيث ذكرت مصادر في طاجيكستان أن سلطات البلاد كانت تشك بانتمائه لداعش ووضعت عائلته تحت المراقبة
بحسب ما قاله أقارب الإرهابي، كان رفسنجون ميرزوييف يعمل في روسيا ثم اختفى فجأة. في عام 2016 ذهب إلى سوريا ومن هناك تواصل مع أهله ثم اختفى، وبعد فترة جاءت المعلومات أنه تم القضاء عليه في سوريا.
أهل قرية الإرهابي قالوا لوسائل الإعلام أن جارهم كان بعيداً عن التطرف الديني، لكن كل شيء تغير فجأة بعدما سافر وانضم لصفوف داعش. في ذلك الوقت كانت شبكات التجنيد في صفوف داعش تعمل على نطاق واسع وتستقطب المقاتلين من مختلف الدول. كما كانت تستقطب النساء أيضاً لما يسمى بـ”جهاد النكاح”.
بعد القضاء على التنظيم بشكل كامل تقريباً، بقيت منه خلايا نائمة في العديد من الدول. وبما أن “داعش” لم تعد قادرة على القيام بعمليات عسكرية واسعة، أصبحت نشاطاتها تقتصر على العمليات الإرهابية. إلى أن قنوات التجنيد مازالت تعمل إلى اليوم، ولو ليس بتلك الفعالية كما كانت عليه خلال أعوام 2013-2015.
وكشفت مصادر روسية أنه خلال التحقيق مع أحد الإرهابيين منفذي عملية “كروكوس سيتي” في ضواحي موسكو، تبين أنه كان في زيارة لتركيا قبل بضعة أشهر من قيامه بالعمل الإرهابي. ومن المعروف عن تركيا أنها كانت “نقطة ترانزيت” ومعسكر تدريبي لإرهابيي داعش قبل إرسالهم إلى سوريا، كما كان ينقل إليها الإرهابيون المصابون لتلقي العلاج.
كما كشفت لجنة التحقيق الروسية عن كشفها لمسار الحوالات المالية للإرهابيين مصدرها أوكرانيا كانت تحول “بالعملات المشفرة”.
لا يقتصر الأثر الأوكراني على التمويل فقط، فالإرهابيون حاولوا الفرار نحو أوكرانيا، وأقروا أثناء التحقيق أنه كان هناك من ينتظرهم هناك لمساعدتهم على الفرار من روسيا.
لا ننسى أن الأسلحة التي كانت تورد لداعش في سوريا كانت مصادرها من دول عديدة منها أوكرانيا.
“الثورات الملونة” التي نفذها الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة في العديد من الدول ومنها أوكرانيا، و”الربيع العربي” في بعض الدول العربية اتسمت كلها بمحاولة وصول جماعات متطرفة للحكم. متطرفة ليس بالضرورة دينياً، قد تكون متطرفة قومياً مثل أوكرانيا مثلاً. لكن ما يربط هذه “الثورات” كلها هو الأداة: الإرهاب. فوصول الإخوان المسلمين في مصر لسدة الحكم، أو وصول الجماعات النازية للحكم في أوكرانيا، على سبيل المثال وليس الحصر اتسم بالإرهاب كوسيلة وصول والحفاظ على الحكم.
ومن هنا عزيزي القارئ واستناداً على ما تحدثت عنه أعلاه، اطرح على نفسك هذه الأسئلة:
من الساعات الأولى بعد العمل الإرهابي في “كروكوس سيتي” وإلى اليوم، نرى تصريحات يومية من البيت الأبيض وبايدن وغيره أن داعش وراء هذا العمل.
أولاً: من أين هذه الثقة الزائدة؟ يعني كنتم على علم.
ثانياً: لو افترضنا داعش، هل تتصرف داعش من تلقاء نفسها؟
ثالثاً: روسيا علاقاتها جيدة وطيبة مع جميع الدول الإسلامية، فما مصلحة داعش؟ من الواضح مصلحة من يخدم هذا العمل القذر، وبالتأكيد آخر المستفيدين منه “داعش”.
رابعاً: اليوم روسيا في حالة حرب مع أوكرانيا مع أسيادها في الولايات المتحدة وأتباعها في أوروبا، والذين يمدوها بالمال والسلاح وليس على أوكرانيا إلا تقديم “اللحم لمفرمة اللحم”. فهل يا ترى تخدم هذه العملية مصلحتهم؟
بإجابتك على هذه الأسئلة، ستتوصل بنفسك للجواب: من يتحكم بخيوط الإرهاب حول العالم، ومنها من وراء العملية الإرهابية في ضواحي موسكو.
ألكسندر الحوراني